تركيا والاتحاد الأوروبي.. ضربة معلم!!
بقلم: أسعد العزوني
إنها السياسة وطوبى لمن استغل مواهبه لتنفيذ سياسته وتحقيق أهدافه ولعل تركيا هي النموذج.
بعد أن أيقن الأتراك استحالة دخولهم في الاتحاد الأوروبي عقب الإعلان الصريح بأنه ممنوع على تركيا المسلمة ولوج النادي المسيحي وهو الاتحاد الأوروبي.
لم نر القيادة التركية وقد انزوت تضرب أخماسا في أسداس، ولم نسمع أنها عرضت تركيا للبيع بالمزاد العلني أو ربما بثمن بخس كما يفعل القادة العرب، بل استنهضوا الهمم وانضم إليهم البروفيسور أحمد داوود أوغلو مفكر تركيا الحديثة وطلبوا منه الانضمام إلى "حزب العدالة" التركي ذو التوجه الإسلامي المعتدل.
وهنا بدأت قراءة كتاب تركيا الحديثة تركيا أردوغان أوغلو وغول، وكانت البداية مناكفة "اسرائيل" باستغلال تبعات عدوانها على غزة، وانسحاب الطيب أردوغان من جلسة حوارية لـ"مؤتمر دافوس الاقتصادي الشتوي" حيث انسحب وبصورة ملفتة للنظر احتجاجا على عدم منحه الفرصة الكافية للرد على ما ورد من أكاذيب على لسان "ثعلب اسرائيل شيمون بيريز"، علماً أن أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى كان موجودا لكنه لم يحرك ساكنا، واكتفى بوداع أردوغان وعاد إلى الجلوس بمقعده بجانب "بيريز" وكأن الأمر لا يعنيه.!
الأمر لم يتوقف عند ذلك، بل انفرط العقد ووصل إلى منع "اسرائيل" من الاشتراك في مناورات جوية كانت مقررة سلفا، ما أثار جنون "الاسرائيليين" الذين يرون في تركيا المسلمة حليقا استراتيجيا بعد خسارتهم لإيران.
وما زاد الطين بلة هو أن القيادة التركية التزمت بتطبيق ما ورد في كتاب أوغلو حرفيا، فكان التوجه التركي شرقا والدخول في تحالف استراتيجي مع سوريا و"فتح حوار جاد مع العراق"، وحوار أعمق مع أكراد العراق بعد انفراج الحالة الكردية في تركيا.
ومن ثم انتقلت سفينة نوح التركية إلى الباكستان والاتفاق على بروتوكولات تعاونه، وجاءت الخطوة الأشد إثارة وهي زيارة القادة الأتراك إلى إيران وإعلان تأييد تركيا للبرنامج النووي الإيراني الذي أقام الغرب ولم يقعده بعد التوقيع على بروتوكولات تعاون بقيمة 30 مليار دولار.
لا أظن أن ما أسلفت الحديث عنه كان نزقا سياسيا أو تقلب مزاج، بل كان ضربة معلم اسمه أحمد داوود أوغلو الذي طار إلى باريس مسلحا بالموقف التركي الجديد والتحالفات التي نسجتها تركيا مع من هم أصدقاء أو أعداء لأمريكا والغرب ليقول للرئيس الفرنسي ساركوزي المعارض بشدة مع المستشارة الألمانية "انجليكا ميراكل" أن تركيا الجديدة المسلحة بالانفتاح والقادرة على التحدث مع كل القوى تستحق الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.
ما أود قوله هنا هو أنني لا أدعو إلى شن الحرب على أمريكا من قبل العرب بل علينا استخدم عقولنا ومواردنا لرسم استراتيجية جديدة تجبر العالم على التفكير باحترامنا وأظن أن لدينا أكثر من أوغلو لرسم هذه الاستراتيجية.